ثقافة

هل عذاب القبر حقيقة أم أنه يتناقض مع كتاب الله تعالى

هل عذاب القبر حقيقة أم أنه يتناقض مع كتاب الله تعالى

لنبدأ مستعينين بالله وبالتأكيد أننا سنتحدث عن البرزخ..

البرزخ هو (الحاجز المادي والحاجز الزمني)

هذا موضوع هام متصل بالعقيدة، فالبرزخ في القرآن الكريم بالمعنى والمقصود الإلهي لكلمة البرزخ هو لفظ له معنيان لهما دلالة واحدة، فالبرزخ عموما هو (الحاجز)

فالحاجز بين البحرين العذب والمالح هو حاجز (مادّي) أي يمكن رؤيته ولمسه، ذكَره الله تعالى في كتابه الكريم، كحاجز يفصل بين أي بحرين مختلفين في درجة الملوحة حتى لا يختلط أحدهما بالآخر، فقال سبحانه وتعالى((مرج البحرين يلتقيان، بينهما (برزخ) لا يبغيان))..

((وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما (برزخا) وحجرا محجورا))

وأمّا البرزخ الآخر الحاجز أيضا فهو بين الحياتين الدنيا والآخرة قال الله تبارك وتعالى(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا في ما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم (برزخ) إلى يوم يبعثون) وهو حاجز زمني غير مادي، يفصل بين الحياتين فلا تختلط إحداهما بالأخرى..

فهناك كلمة سبقت من رب العزة أنه لن يحاسب أو ينتقم أو يعذب على كفر أو شرك إلا في الآخرة، قال الله تعالى ((ولو يؤاخذ الله الناس (بظلمهم) ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى (أجل مسمى) فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون))،

فهل أحد من المفسرين قال أن هذا الأجل المسمى في هذه الآية هو تحت التراب في الحياة الدنيا؟ لا بالتأكيد، ولتبحثوا في التفاسير

وقال تعالى (فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما كانوا فيه يختلفون).. أي لولا أن التزاما من الله قد قطعه على نفسه سبحانه بأن لا يعذب أحدا إلا في يوم الحساب لكان عذّبهم في الدنيا على اختلافهم عن الحق بعد العلم به، ولم يقل أحد من المفسرين بعذاب قبر هنا..

وقال سبحانه وتعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره (يوم القيامة) أعمى)، في هذه الآية انتقال من أحداث الحياة الدنيا (معيشة ضنكا) إلى أحداث الآخرة (ونحشره يوم القيامة أعمى)، فأين ما يسمونه (عذاب القبر) بينهما؟،

نستعيد الآية بتدبر (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا.. -هذا وهو يعيش في الدنيا- .. ونحشره (يوم القيامة) أعمى) أين عذاب القبر هل هناك ضلال أو نسيان في كتاب الله ؟! سبحانه وتعالى عما يصفون (لا يضل ربي ولا ينسى)

وقال الله جل شأنه تبارك وتعالى عن حال المجرمين يوم القيامة(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون، قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) لماذا؟ ألم يستيقظوا من قبل في قبورهم ويضربوا؟!

ويقول جل جلاله (فلا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) فهل أحد من المفسرين قال أن ذلك اليوم في القبر أو يبدأ من القبر؟ لا بالتأكيد لأنه إذا قال ذلك فسيقول له المنطق والعقل وهل الظالمون كلهم يموتون في يوم واحد فيكون هو ذلك يوم تأخيرهم يوم تشخص فيه الأبصار ، وإذا لم يكونوا يموتون في يوم واحد وكان عذاب القبر حق فمعنى ذلك أن كلمة (يوم) أو كلمة (يؤخرهم) في الآية خطأ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ولكانت يؤخر كلا منهم لأيام أو ليوم تشخص فيها الأبصار.. سبحانه وتعالى عما يصفون،

وحين نرى في مشهد قرآني آخر، كفار قريش وهم يقاتلون المؤمنين والنبي الكريم، فنلاحظ أن الله تعالى يقول جل شأنه (أم يقولون نحن جميع منتصر، (سيهزم) الجمع ويولون الدبر ، بل (الساعة) موعدهم و(الساعة) أدهى وأمر )، فبين (هزيمة) أعداء الله تعالى في الدنيا وبين عذاب الله تعالى لهم في الآخرة (الساعة)، ولم بهددهم بعذاب في القبور

فأين مرحلة (عذاب القبر) لماذا لم تذكر هنا؟ لعن الله الكاذبين..

المتوقع لمن يصدقون الدجل من أحاديث عذاب القبر أن يتساءلوا لماذا هنا لم يقل ربنا والعياذ بالله “بل عذاب القبر موعدهم، ثم الساعة”،

أم أنهم يريدوننا أن نعتقد أن المتحكم في عذاب القبر إله آخر ليس هو من أنزل القرآن -والعياذ بالله- إله آخر تروى عنه تلك الأحاديث؟!

ولكن الله تعالى قال (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر)..إذن عذاب القبر هذا كذب مبين..

وأما الحقّ من كتاب الله عن طبيعة ما يحدث في البرزخ أي بعد الموت، فهو أن المرء الصالح أو الفاسد، المؤمن أو الكافر

يكون بعد موته في (برزخ انتظار) ،ليس بالجسد الترابي البشري فالجسد الترابي يعود إلى تراب في التراب أو يفنى في غير التراب، ولكن (نفسه) تكون في قبضة الله كالنائم، حتى وإن فني الجسد،

فقد قال ربنا عز وجل ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)،

ففي حالتي الموت والنوم فإن الله تعالى يقبض الأنفس ويتوفاها إليه، فكل نائم إذا لم يقض الله تعالى عليه بالموت أثناء نومه فإن نفسه تصبح في قبضة ربها ليعيدها إلى جسدها عند الاستيقاظ، وكل من يقضي الله تعالى عليه الموت في نومه أو يقظته، فإن نفسه تكون أثناء قبضها في حكم النائم حتى تعود إلى جسدها عند نفخة البعث،

فيُعرض عليه مقعده ومكانه في الآخرة، من نعيم أو عذاب،تعرض عليه في ما يشبه رؤيا النائم وفي ذلك البرزخ يبشر الله تعالى المؤمنين الصالحين بنعيمه المعدّ لهم في الجنة يوم الحساب، في رؤيا كالحلم المفرح (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)، ويوم تقوم الساعة ينادون أن (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)،

وأما الكافرون والظالمون فإنهم أهل النار (النار (يعرضون) عليها غدوا وعشيا) في رؤيا كالحلم المفجع والكابوس المرعب، ويوم تقوم الساعة ينادى عليهم (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) كما ينادى على (آل فرعون) وهم أتباعه وأتباع منهجه إلى يوم الدين، ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب، النار (يعرضون) عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)..

فينتبهون لتتأول رؤياهم وليُسحبوا إلى مثواهم وجزاؤهم الحق المستحق وبئس المصير.

وهذا ما يبينه كتاب الله الكريم، ولن تجدوا إخوتي الكرامأصلاً في كتاب الله لشيء اسمه عذاب في القبر قطعا،

فأجساد الموتى تحت التراب تأكلها الأرض، ولكن أنفسهم في حلم مفرح أو كابوس مرعب، بحسب أعمالهم حتى يأتي تأويل ذلك الحلم وتحقيقه يوم البعث والحساب،

فإذا نفخ في الصور نفخة البعث، يستيقظ المجرمون من موتتهم ونومتهم تلك قائلين كما بيّن الله تعالى ذلك في قوله (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا)،

ويستيقظ المؤمنون من موتتهم ونومتهم تلك قائلين

(الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء)، (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )..

فلا يوجد شيء اسمه نعيم ولا عذاب في البرزخ بعد الموت لا في القبر، ولا في غير القبر مثل قاع بحر، أو ثلاجة المستشفى، أو بطن وحش مفترس، ولكن العذاب والنعيم أجّله الله تعالى إلى يوم الدين، فاتقوا الله القائل سبحانه وتعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا (يوما) لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، إن وعد الله حق فلا تغرنكم (الحياة الدنيا) ولا يغرنكم بالله الغرور)

فلا جزاء بعذاب ولا نعيم إلا يوم الدين وليس تحت التراب وتلك (كلمة سبقت) من رب العزة وعهد ووعد وقول قطعه على نفسه سبحانه وتعالى (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد)، (تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد)..

وأما الذين يجادلون في آيات الله بقول الله تعالى ((ولو ترى إذ (يتوفى) الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)) فليس ذلك تحت التراب بل في الآخرة ولا معنى الوفاة هنا الموت، وإذا جاءت في القرآن بمعنى الموت دل عليها السياق العظيم، فالوفاة هنا معناها القبض فيقبضوا عليهم قال تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) أي يتوفاها أيضا، إذن يقبض تلك الأنفس سواءا من مات أو من نام، فالآية تتحدث عن يوم الحساب وليس القبر حين تقبض الملائكة على الكافرين فيسوقونهم إلى مصيرهم، (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا)

والوفاة بمعنى القبض عليهم في يوم القيامة يتضح حين يرد ذكر الملائكة كما قال الله تعالى في سورة النساء (إن الذين (توفاهم) الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم (كنتم) قالوا كنا مستضعفين (في الأرض) قالوا ألم (تكن) أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فألئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا) إذن هذا قبض الملائكة على المجرمين في الآخرة وهم يتعذرون بأنهم كانوا في الدنيا مرغمين على الكفر،

والوفاة بمعنى القبض قول الله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) والوفاة هنا معناها قبض الأنفس وليس معناها الموت وإلا لكان الناس لا يموتون إلا بالليل،

وهناك مشهد آخر عند نزع النفس من المجرمين فإنهم يشددون عليهم ويهينونهم وهذا ليس تحت التراب، بل هو عذاب هون وإذلال عند نزع أنفسهم،

قال الله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ولو ترى إذ الظالمون في (غمرات الموت) والملائكة

باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون (عذاب الهون) بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون)

فإن الملائكة يخاطبونهم وهم يحتضرون ويسمعون ولا يخاطبونهم وهم في القبور، وأن (عذاب الهون) لا يوصف به عذاب الآخرة في القرآن الكريم، بل أوصافه أشد وأهول، فقد قال الله تعالى (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة (العذاب الهون) بما كانوا يكسبون)

وعذاب الهون أيضاً ينال المجرمين في (برزخهم) وهم يعرضون على النار أحلاما وكوابيس مفجعة كما أسلفنا

وذلك قول الله جل جلاله (ويوم (يعرض) الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون (عذاب الهون) بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون)، فينالون الهوان عند موتهم بضرب الملائكة وفي برزخهم بالكوابيس المفجعة،

أما القبر فلم يذكر سبحانه وتعالى عنه شيئا فكيف نكون ممن يقولون على الله غير الحق،

وهو القائل جل جلاله (وإذا الرسل أقّتت، لأي يوم أجّلت، ليوم الفصل)، ويوم الفصل هذا ليس في القبر بالتأكيد كما يعلم الجن والإنس،

والملائكة الكرام عليهم السلام الذين يقبضون الأنفس حين موتها إما بتبشير أو إذلال وهوان هم أيضا يقبضون عليها يوم الحساب لتساق إلى مصيرها، قال الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون).

وأما المَثُلات التي عذّب الله بها الأقوام وأهلكهم، فلم تكن انتقامًا نهائيا منهم بل خزيا مؤقتا وهوانا في الدنيا وذلك شيء بسيط في جناب الله تعالى وشدة انتقامه يوم الدرن، (ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)،

فلم يقل وجل جلاله عن أن يقول (ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم عذاب في القبر ولهم في الآخرة عذاب عظيم)

وقد قال الله تعالى(وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشدّ منّا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون، فأرسلنا عليهم ريحًا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم (عذاب الخزي في الحياة الدنيا)، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون))، ولم يتوعدهم بعذاب بين العذابين في القبور،

وليس ذلك العذاب هنا بسبب كفرهم كما نلاحظ، ولكن بسبب فسادهم في الأرض من سفك للدماء وإهلاك للحرث والنسل..

أمّا عن عذاب تحت الثرى، فلا شيء من ذلك في كتاب الله تعالى، وإنما يفترونه كذبًا على الله تعالى ورسوله عليه من الله أفضل الصلوات وله منا الصلاة وأتم التسليم..

إذن.. وعلى معنى البرزخ من كتاب الله بأنه الحاجز فلا يمكن أن تحدث أشياء من الآخرة في دنيا حياة الناس التي يعيشونها،

فالبرزخ في كتاب الله تعالى الذي ذكر

3 مرات فقط ، لم يخرج عن هذا المعنى أبدًا..

ولأن حياة الدنيا وحياة الآخرة لا يمكن اختلاطهما أبداً، فإن ما يسمى بعذاب القبر شيء مكذوب على الله ورسوله،

ولقد أدخلوا في تراثنا الإسلامي الكثير من الأكاذيب المفتراة على الله ورسوله بخصوص ما يكون بعد الموت في القبر ، فأدخلوا نصوصا كذبا على النبي الكريم كنا نقدسها ظلما لأنفسنا وجهلا بأنها تناقض آيات كتاب الله عز وجل وذلك ما يبينه كتاب الله لنا بإذن الله، فهو الحق المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

حتى أن بعضنا كان يقول تلك النصوص في صلاته وهو بين يدي ربه، مثل (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر..) وزوّروا الأحاديث الكاذبات على النبي الصادق الأمين، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا يمكن أن يأتينا بأمر أو معنى أو قول يخالف أو يناقض ما أنزل الله تعالى عليه،

ولليقين من كتاب الله تعالى عن حقيقة البرزخ بين الحياتين، ها نحن تساءلنا بتدبر في كتاب الله تعالى هل ينص كتاب الله تعالى على عذاب في القبر أو يشير لمثل ذلك؟

أبدا.. مطلقا..

إذن .. فمن غير المعقول ولا المقبول أن نتوهم أن النبي الكريم يخالف وحي ربه الله تعالى ويعرض عنه ويأتي لنا بحديث مروره على قبرين يعذبان وما يعذبان في كبير،

فلنبتهل يا إخوتب الكرام ولنجعل لعنة الله على الكاذبين

ويجب أن تستيقظ أمّتنا الإسلامية من الشرك والجهل والغفوة وتفاهة وبطلان تلك الأفكار والعقائد التي تناقض كتاب الله تعالى، فهذا الكذب والزور والبهتان افتراه كفرة من اليهود على الله تعالى وهم أعداؤه ففتنوا به المسلمين، ليلبسوا عليهم دينهم سخرية من عقول أهل الإسلام، وليجعلونا مضحكة بين الأمم بسبب بعد الأمة عن كتاب الله تعالى وهجره، وتقديسهم لنصوص دجّالين يفترون على الله الكذب، وهنا يكون فينا الشرك بالله حين نصدقهم، وندعي أننا نصدق كتاب الله أيضا..

ويكفيهم جرمًا أنهم في هذه الفرية يفترون حتى الأسماء على الملائكة الكرام (منكر) و(نكير) ومبشر وبشير، بل وتزعم بعض الروايات أن عمر بن الخطاب ضرب منكر ونكير هذين في القبر، استهانة منهم بملائكة الله الكرام..

ما كل هذا الجهل الذي يريدون أن نصدقه؟

تالله لقد كذبوا علينا وعلى الله ورسوله وكفروا وظلموا ألا لعنة الله على الظالمين،

ولنأخذ مثلا هذا الشخص الكافر قاطع الصلاة الذي غرق في قاع البحر فتناهبت جثته أكثر من مائة سمكة وتباعدت الأسماك هنا وهناك، إلى أين سيأتي إليه منكرهم ونكيرهم هذين ليضرباه بالمرزبة أو الثعبان الشجاع الأقرع،

اتقوا الله يا من تقدسون يهودستان..

ومثلا.. هذا الانتحاري الضالّ من هذا التنظيم أو ذاك الذي فجّر نفسه في المسجد فقتل نفسه وقتل شيخا وهو يتلو كتاب الله وعددا من المصلين، ثم تناثر لحمه وعظامه في الهواء قطعا صغيرة مجهرية أكبرها أمثال حبات السمسم وبعضها طار من شبابيك المسجد ليلتصق بأغصان شجر على مسافات 50 أو 60 متر، وبعض ذرات لحمه وعظامه طارت على زجاج سيارات وشاحنات كانت عابرة، فإلى أين سيأتي إليه منكرهم ونكيرهم؟!، أو ذلك الذي في ثلاجة الموتى..

فدعوهم واقبلوا إلى كتاب الله حيث يقول الله تعالى عن ذلك القائل عن القرآن الكريم (إن هذا إلا قول البشر) لم يتوعده الله بعذاب قبر، بل قال جل جلاله مباشرة (سأصليه سقر)، ألم تلاحظوا ذلك؟

وعن كل الكافرين بكتاب الله الكريم والمفترين على الله الكذب يقول سبحانه وتعالى (قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون)، فبعد متاعهم في الدنيا في حياتهم، يرجعون إلى ربهم بالموت، (ثم) يذيقهم عذابه الشديد في النار يوم القيامة، و(ثم) حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي والمهل، فأين عذاب القبر الذي يفترونه كذبا على الله ورسوله الكريم..

وليس ذلك فحسب بل أقسم بالله العظيم أن هناك أكثر بكثير من 100آية في كتاب الله تؤكد بطلان كذبتٓي عذاب ونعيم في القبر، فكل الأحاديث والأدعية المحتوية على الخرافات والخزعبلات والأقاويل التي نصّت على عذاب قبر علينا تركها فورا إن كنا نؤمن بالله وصدق وإحاطة كتابه الكريم، فإنما هي كذب على الله ورسوله، يجب ألا نؤمن بها ولا نتداولها البتة..

وستجدون من يحاول الاستشهاد بقول الله تعالى (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) فكيف يخدعكم ذلك والمعنى القرآني والمقصود الإلهي بالعذاب الأدنى مبييييين هنا في ذات هذه الآية بأنه يعني المصائب في الحياة الدنيا والمحن والشدائد والبأساء والضراء يصيب الله بها الأمم التي تكذب بالرسل يصيبهم بذلك (لعلهم يتضرعون)، (لعلهم يرجعون)، فربما يتراجعون عن كفرهم،

وهذا مبين في الآية ذاتها حيث قال سبحانه (لعلهم يرجعون)، فإذا كان في القبر فلن يقول تعالى في ختامها لعلهم يرجعون..

(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)

ومثله كذلك قول الله تعالى (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون).. وهذا السياق العظيم (لعلهم يرجعون) في الآية التي يوردونها نفسها ولكن قلوبهم في أكنة عن الحق، وكذلك (لعلهم يتضرعون) في هذه الآية الأخرى وكلاهما دلالة تؤكد على أن (العذاب الأدنى) لا يمكن أن يكون في القبر، فكيف يرجعون إلى الحق وكيف يتضرعون بعد موتهم وعذابهم في القبر إذا كان ذلك هذا هو العذاب الأدنى؟!…. الكاتب (فؤاد المحنبي).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى