من هم الأولياء في قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”
من هم الأولياء في قوله: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا"
المحتويات
من هم الأولياء في قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”، إذا ما أردنا فهم آية فعلينا أن نقوم بقراءتها في سياقها الذي وردت فيه، لأن بترها من سياقها يشبه تفسير : فويل للمصلين. الآية التي قبلها: ” يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه…”. السؤال: من هم المخاطَبون بقوله: يا أيها الذين آمنوا؟، سوف نشرح في موقع إكليل المعرفة ، من هم الأولياء في قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”.
من هم المخاطَبون بقوله: يا أيها الذين آمنوا؟
هل هم المؤمنون في كل زمان ومكان؟، أم هم مجتمع الصحابة تحديدا؟، بدا لي قبل قليل أنهم مجتمع الصحابة. لماذا؟ لأنه لو كان الخطاب عاما لما قال: فسوف يأتي بقوم يحبهم ويحبونه. لأن هؤلاء القوم الذين سيأتون، هم من شريحة (الذين آمنوا) بالضرورة. كما لو كان الخطاب عاما لشملهم، هذا الخطاب المقيد يشبه : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي. بينما هذا الخطاب يشبه: ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا.
وغير ذلك من أنواع الخطاب الذي يقيده السياق، وهذا لا يتنافى مع كون القرآن لكل زمان ومكان. إذا ما أخذنا العظة والعبرة من قصصه التاريخي، وخطاباته متعددة السياق. إذن: يا أيها الذين آمنوا، موجه لمجتمع الصحابة الذين يعيش الرسول بين ظهرانيهم.
شاهد أيضاً: هل الاحتفال بالمولد النبوي سنة أم بدعة؟
هل الخطاب عام ام مخصص آية: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الخطاب متصل لمجتمع معين في زمن معين، وليهم الله ورسوله والذين آمنوا. في حين تعني الولاية هنا هي ولاية الأمر، فإذا كان الرسول هو ولي أمر الأمة، فلا يحق لأحد أن يتصف بهذا المنصب في وجود الرسول. فلا يتسع الغمد لسيفين، أليس كذلك، إذن لا يمكن أن يكون الحديث عن شخص معين، بجانب الرسول لا علي ولا أبي بكر ولا عمر. فولي الأمر موجود، بل قال (والذين آمنوا) الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وهم خاضعون راضون لا كارهون. بينما يقابلها آية المنافقين: ولا ينفقون إلا وهم كارهون، والمؤمنون ينفقون وهم راكعون، بمعنى راضون خاشعون. فلا علاقة للركوع هنا بركوع الصلاة على الإطلاق، فقد قال : يقيمون الصلاة قبلها، ثم قال: ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
اقرأ عن: ما الفرق بين الولي والمولى
كيف يكون المؤمنون أولياء أمور في وجود الرسول
تتعدد وتتنوع ولاية الأمر من ولي أمر الأمة إلى أمير جماعة، ضمن الجماعة الكبرى (الأمة)، إلى شيخ قبيلة إلى قائد سرية، إلخ. فلا بد أن يكونوا جميعا من المؤمنين، الذين هذه يتصفون بـ:
- يقيمون الصلاة، بمعنى يحيونها بالأذان والإقامة، في قبلهم وبواديهم. وقد تحدثنا في منشور سابق عن الفرق بين إقامة الصلاة وأدائها.
- يؤتون الزكاة هم هؤلاء ولاة الأمر من المستويات الدنيا، الذين يأخذون الزكاة من مواطنيهم، ويؤتونها بيت مال المسلمين. بكل خضوع ورضا، دون مناشدة، وكما أن هناك فرقا بين إقامة الصلاة وأدائها، فهناك فرق بين إيتاء الزكاة وفعلها.
- إيتاء الزكاة مهمة ولاة الأمر في مستوياتهم المتعددة، وأما فعلها فهي فرض عين على كل مسلم. يؤديها دون مماطلة ولهذا يصف الله المؤمنين: والذين هم للزكاة فاعلون”.
- وإذا ما صحت قصة الغدير والولاية لعلي فهي من هذا النوع، لا الولاية العامة فالرسول موجود ولا يتسع الغمد لسيفين.
من هم المخصوصون في آية:” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”
حينما نربط آية:” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”، بالسياق العام للسورة. فهي باختصار تُخرج اليهود والنصارى من دائرة الولاية، في مستوياتها الدنيا أساسا. فلا يصح أن يكون ثمة يهودي أو نصراني، جابيا للزكاة ولا إمام مسجد، ولا شيخ قبيلة ولا غير ذلك. بل يظلون مواطنين صالحين في المجتمع المسلم، دون أن تسند إليهم أي مهمة تتعلق بالولاية. فسورة المائدة تبيح للمسلمين الزواج منهم، والأكل من طعامهم. وهذه الإباحة قد توهم بالتعامل معهم، في كل شيء حتى في الولاية. فجاءت الآيات تباعا بعد ذلك لإزالة هذا الوهم، فقوله:” والذين آمنوا”، يخرج اليهود والنصارى من هذه الدائرة. ولا يخرج أي فئة مؤمنة من دائرة الولاية، بمستوياتها المتعددة. أكانوا من بني هاشم أم من بني أمية، أكانوا من المهاجرين أو من الأنصار ما داموا عدولا أكفاء.
تعرف على: ما دلالة ” لكل جعلنا منكم” وما علاقة سورة الجمعة بيوم الجمعة؟
لماذا لا يكون الخطاب مطلقا للمؤمنين في كل زمان ومكان
الجواب ذكرناه في صدر المقال، وأضيف إلى ذلك أن قوله: (ورسوله)، في الآية التي تتحدث عن الرسول، بوصفه ولي أمر الأمة. هذه المفردة تمنع أن يكون الخطاب مطلقا، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام باختصار. قد انتقل للرفيق الأعلى، ولم يعد ولي أمر يحكم، ويسدد ويحل المشكلات المحدثة. لكن بقيت رسالته التي فيها الأسس، ومبادئ الأحكام التي نستند إليها . إذن وجود مفردة (ورسوله)، توحي بأن الخطاب موجه للصحابة. ولا يعني كون الخطاب مقيدا في الآية، أن لا نستفيد من هذا التوجيه القرآني في زماننا، وفي كل عصر.
أهم صفات ولاة الأمر
يجب أن يكون ولاة أمرنا بمستوياتهم المتعددة، والمتنوعة من الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة وهم راكعون. دون النظر إلى عرق أو لون، فقد بدا لي هذا الرأي وهذه القراءة الجديدة للتو. كذلك دون الحاجة للرجوع إلى نص مواز من التاريخ، والسير والأحاديث التي جعلوها ندا لنصوص القرآن. كل حزب بما لديهم فرحون. هذا ما أراه والله أعلم.
نكون قد وصلنا إلى ختام موضوعنا من هم الأولياء في قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا”، وبينا من هم المخاطَبون بقوله: يا أيها الذين آمنوا؟. وما أهم صفات ولاة الأمر.