ماذا يقصد بالنشوز الزوجي التفسير الحديث
المحتويات
ماذا يقصد بالنشوز الزوجي
قبل أي شيء، لا بد من التأكيد على أمرين:
1- أن الضرب – الذي قال الله – واضربوهن.. هو الضرب الذي تعرفه لغة العرب.. لا غير.. والقول بغير ذلك جهل وزندقة.. وعبث بكلام الله..
2- ولكن أيضاً : الضرب عموماً – وليس ضرب الزوجة فقط – من الأحكام الشرعية القديمة البائدة المنقرضة.. التي تخضع للزمان والمكان والعرف.. ولم تعد مقبولة في هذا الزمان: شأنها شأن الحديث عن (الرق وأحكام العبيد والجزية والذميين) كل هذا فقه قديم.. انتهى زمانه.. أما اليوم، فإن ضرب الزوجة، جريمة يعاقب عليها القانون والعرف..
نقول هذا براءة للذمة؛ حتى لا يذهب أحمق فيضرب زوجته، بحجة أنها (ناشز) وبعد هذا نقول:
اشتقاق (النشوز) والأصل الحسي له هو (الناشز) وهو من أسماء الجبل.. إذن النشوز – من الناحية اللغوية – هو التعالي والتكبر والاستكبار والتمرد:
1- فالولد – أو البنت – الذين يرفضون طاعة (آبائهم) ويتمردون عليهم.. ناشزون..
2- والبنت – التي تترك أهلها وشعبها – ناشزة على دولتها..
3- والسائق – الذي لا يلتزم بقوانين المرور – ناشز على المرور..
4-والمواطن –ذكراً كان أو أنثى، إذا كان لا يلتزم بقوانين دولته – هو ناشز على الدولة..
ولكن النشوز (الزوجي) شيء آخر..
فالنشوز كلمة كأي كلمة في (اللغة) يتحدد معناها بسياقها: فقولنا: ضرب الحلبة أو البيض، غير ضرب النار، غير ضرب البرد أو الشمس، غير ضرب الكرة، غير ضرب البسبوسة، غير ضرب الزرع، غير ضربة جوية أو صاروخية، غير ضربة معلم، غير ضرب الأرقام والأعداد.. وهكذا يمكننا أن نجد عشرات المعاني المختلفة (للضرب) بحسب:
1- الجملة والسياق 2- والاستخدام البلاغي..
ومثله النشوز: يتحدد معناه – لا بالمعجم – ولكن بالجملة والسياق والاستخدام البلاغي..
لا شك أن تفسير النشوز بالتمرد على (طاعة الزوج) خطأ..
لأن النشوز يكون من (الزوج) أيضاً كما يكون من (الزوجة) قال ربنا:
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا}النساء128
فهل يكون المعنى: أن الزوج يتمرد على (طاعة زوجته)؟ واضح أن هذا التفسير خاطئ..
وسنسأل هؤلاء: لو أن زوجة رفضت خدمة زوجها، فهل هي (ناشز) شرعا؟
الجواب: لا طبعا؛ لأن (خدمة الزوجة) ليست واجبة أصلا.. وفيها خلاف بين الفقهاء..
إذن ما هو التفسير الصحيح للنشوز؟
قال البعض النشوز هو: الخيانة الزوجية: سواء كانت:
1- خيانة تامة كاملة شاملة (بالجنس الكامل)
2- أو خيانة ناقصة: بالقبلات والأحضان.. أو حتى بالكلام والمراسلات..
والسؤال: هل يمكن أن يقول ربنا لرجل (زوجته تخونه) اضربها؟
الجواب الواضح هو: لا طبعا.. إذن هذا تفسير خاطئ أيضاً ؛ لأنه يتعارض مع عقوبة (الزوجة الخائنة)
1- التي هي في القرآن (اللعان: الملاعنة) في سورة النور.. قوله تعالى
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ{6} وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ{7} عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ{8} وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ{9}
2- وفي السنة (الصحيحة) الطلاق.. في حديث الرجل الذي قال لرسول الله: امرأتي لا ترد يد (لامس)
أي أنها (ساذجة بليدة حمقاء) تسمح للشباب والرجال بمداعبتها.. ولا تمنعهم حتى بالكلام، فضلاً عن الفعل..
فهل يقول رسول الله لرجل زوجته (حمقاء) طلقها.. ولا يقول طلقها.. لرجل زوجته تخونه فعلاً .. وعمداً وعن سوء نية.. وليس غباء وسذاجة كتلك التي شكاها زوجها لرسول الله؟!
إذن ما هو التفسير الصحيح للنشوز؟
والجواب:
هو: التمرد على (الجنس) الامتناع عن العملية الجنسية، أو مقدماتها.. أو ما يتخللها من مداعبات:
كالتقبيل مثلا.. وهذا مشترك بين الذكر والأنثى.. كما رأينا..
إذن (الزوج) أيضاً يمكن أن يمارس (النشوز) تماما كما تمارسه (الزوجة)
وهو يعني: التمرد على (علاقة جنسية كاملة مريحة)
فالجماع يمكن أن يتم.. ولكن يكون:
1- إما ناقصاً 2- أو غير مريح 3- أو مهين..
وهذه درجة من درجات النشوز..
وبعض الأزواج:
1- إما يتمرد على زوجته.. فيهجرها بالأسابيع والأشهر..
2- وإما يجامعها ولكن جماعا ناقصا وغير مريح ومهينا.. بحيث تشعر: أنه لا يحبها.. ولا يريدها إلا لحاجة نفسه.. والدليل: أنها لا تراه، إلا لحظة تحرك شهوته.. فعندئذ يجري إليها.. ويفرغ شهوته في أسرع وقت، حتى وهو قائم.. وبأي شكل.. ولا يبالي بمشاعرها الإنسانية، فضلاً عن تهيج شهوتها الجنسية.. فما دام هو فرغ شهوته.. واستراح فقد قام بالواجب الذي عليه.. وانتهى الموضوع.. ثم لا يقربها – ولا تسمع منه كلمة طيبة – إلا في الموعد التالي لتحرك الشهوة.. الذي قد يكون بعد أسبوع آخر أو أكثر..
وهذه المعاملة لو كانت (لجارية) اشتراها من السوق في العصور القديمة، لكان آثما مذنبا عاصيا لله ورسوله.. فكيف وهي زوجته الحرة، بنت الناس الأحرار؟!
إذن هذا هو (نشوز) الزوج.. وقس عليه نشوز الزوجة (الشيطانة الخبيثة اللعينة) تعمل نفس الحركات.. وتجنن زوجها فهي:
1- إما تمتنع نهائيا.. وتظل تراوغ وتسوف وتتهرب.. وقد تكذب فتقول: (الدورة) أو مريضة وتعبانة وغيرها من أعذار؛ فقط لكي لا يقترب منها، ولا تشعر بأنفاسه في وجهها..
2- أو تسلم نفسها له.. ولكن كما تستسلم الذبيحة للجزار.. فلا ابتسام ولا كلام ولا قبلات.. ولا مداعبات.. ولعله يفاجئها ولا تكون مستعدة.. ولا يطلب منها حتى أن تمشط شعرها.. فضلا عن الماكياج..
بينما الزوج (الذواق الذكي المحب الحنون الرومانسي) يرسل لزوجته رسالة – عبر الواتس مثلاً– بالنهار.. وهي تستعد لليلة جميلة.. تذكر بليالي شهر العسل.. خاصة إذا لم يوجد أولاد..
وكم من زوجة (حمقاء) تعطي زوجها ظهرها، وهي تظن أنها هكذا قد قامت بالواجب الشرعي عليها.. فتعامل زوجها معاملة (الحمار) الذي يأتي أنثاه من الخلف، ويفرغ شهوته في دقائق.. وخلاص..
والمشكلة أن كثيراً من الأزواج، لا ينبه زوجته لهذا الأسلوب (السيء) الذي يدمر العلاقة الزوجية، ويجعلها مقتصرة على (الجنس) فقط.. وحتى الجنس يتم بشكل غير لائق..
فإذا وجد امرأة – خاصة مطلقة أو أرملة – عندها خبرة في (ترويض الرجال) فقد يقع في حبالها.. وسيكون محظوظا إذا كانت العلاقة بينهما (زواجا شرعيا) ولو في السر.. وليست زنا باسم (الحب)
وطبعا المطلقة والأرملة – ما لم يردعها دين وأخلاق وتربية وثقافة – فقد تقع في علاقة كهذه بسهولة.. ولا تتردد لأنه لا يوجد ما تقلق بشأنه من غشاء بكارة أو غيره.. ولا شك أن (نشوز) الزوجة هو أحد أهم وأكبر أسباب تعدد الزوجات.. فالزوج يبحث عن (زوجة) ثانية.. تكمل نواقص الزوجة الأولى.. التي قد لا يكون منها (الجنس) نفسه.. ولكن مقدماته ومتعلقاته والابتسامة والكلمة الطيبة والوجه الطلق البشوش..
ومن تتبع أسباب الخلافات بين الزوجين – التي قد تؤدي للطلاق – فسيجد أنه السبب الرئيس والجوهري والأولي.. هو (الجنس) بنسبة 90% من حالات الطلاق.. والسبب:
1- إما انعدام العلاقة الجنسية تماما ونهائيا.. لأسابيع واشهر.. وربما سنة..
2- وإما علاقة جنسية سيئة – ولو كانت مرتين في الأسبوع – ولكنها تكون علاقة (غير مشبعة) لا جنسيا ولا نفسيا.. فيشعر الزوجان: أن عدمها خير من وجودها.. وهذا هو معنى (النشوز).
وكم من زوجين (فقيرين) قوتهما يوما بيوم.. ولكنهما في (قمة السعادة) ويمارسان الجنس بكل لذة ومتعة..
كما هو شأن عمال النظافة مثلا..
وكم من زوجين كلاهما مليونير.. لا يفكران في أي مشاكل مادية.. ومع ذلك
العلاقة بينهما سيئة ومضطربة.. ولا يلتقيان – على السرير – إلا مرة في الشهر..
تبقى نقطة أخيرة وجوهرية ومنطقية.. وهي سؤال منطقي وجيه يقول:
إذا كان المقصود (بنشوز الزوجة) هو التمرد على العلاقة الزوجية، فكيف يكون عقابها (الهجر) وهي تريد الهجر أصلا؟ كيف يكون (الهجر) عقاباً لمن لا تكترث للهجر؟ والجواب:
هذا الفهم فهم خاطئ: المرأة (الناشز) التي تتمرد على زوجها.. قد تتحمل (الهجر) أسبوعا وشهرا.. ولكنها لن تتحمل الهجر في حالتين:
1- إذا زاد على ثلاثة أشهر .. واسألوا الذين يبتعدون عن زوجاتهم (ستة أشهر وسنة) (كالمغتربين) كيف تتغير طباعهن وتلين وتتحسن كثيرا.. بالهجر (الطويل)
2- وإذا كان خارج البيت..
هاهنا تأتي قاعدتان:
1- من أمن العقوبة، أساء الأدب..
2- ومن لم يكترث للعقوبة، فإنه سيهتم كثيرا إذا تضاعفت..
وخذوا أوضح مثال وهو: الطالب المشاغب: هذا إذا قال له الأستاذ في المدرسة – أو الدكتور في الجامعة – سأخصم عليك درجات.. فقد لا يهتم..ولكن ماذا إذا قال له: سترسب وتعيد المادة..
بل قد تفصل وتطرد نهائيا من هنا؟ لا شك أنه سترتعد فرائصه.. ويستقيم بعد الاعوجاج.. وهكذا يصنع الزوج (الحكيم العاقل) مع الزوجة (الناشزة) يسكن في شقة (أخرى) ويترك زوجته (السيئة) ولكن من غير طلاق.. خاصة إذا كان بينهما أولاد؛
وهنا الحل هو أحد اثنين: إما الهجر: 1- لفترة طويلة 2- وخارج البيت..
وإما زوجة ثانية.. وهنا تسقط كل حقق للزوجة (الناشزة) خاصة من لا يمكن معها (التفاهم) فلا تسمع كلام أم ولا أب ولا أخت ولا صديقة.. بل شورها من راسها.. وترى دماغها تعرض لغسيل (قوي) من تأثير أسوأ شيئين يفسدان دماغ المرأة، وينغصان عليها الحياة والسعادة.. ويوهمانها أنها تعيش في (شقاء وعذاب معاناة) وأن عليها أن تتمرد على واقعها.. والشيئان هما:
1- المنظمات النسوية.
2- والمسلسلات خاصة التركية.. وطبعا المصرية والسورية والخليجية.. كلها تربي الزوجة وتثقفها تربية وتثقيفا خاطئين.. وتوهمها أنها لن تكون (سعيدة) إلا إذا عاشت حياة المرأة التي تشاهدها في المسلسلات، المرأة الحرة المتحررة.. التي ترفض الخضوع:
1- لا للزوج 2- ولا للأهل 3- ولا للمجتمع..
فمن سلمت نفسها ودماغها.. للمنظمات والمسلسلات.. فإنها ترسم لها صوة (خيالية) لا وجود لها إلا في تلك المسلسلات.. وأما في الواقع فلا وجود لها..
وأما المنظمات، فما أكثر ضحاياها من بنات ونساء العرب.. وكمثال بسيط:
1- رهف القنون: بنت العز.. التي هربت من أهلها.. ولجأت لكندا..
وهناك عاشت عيشة بنات غير المسلمين.. في علاقات جنسية بدون زواج.. وأصبحت أماً من الحرام..
2- وهدى العمري: المدرسة المحترمة.. التي هربت من أهلها أيضا.. ولجأت لبريطانيا..
وانتهى بها الأمر بالانتحار.. بعد أشهر من حياة (المتشردين) – الذين هم ملايين – في لندن! وللمزيد عن موضوع ضرب الزوجة إليكم هذا الرابط