معلومات عامة

تفسير آية لا يمسه إلا المطهرون

تفسير آية لا يمسه إلا المطهرون

المحتويات

تفسير آية لا يمسه إلا المطهرون، المفهوم الشائع لهذه الآية أنه لا يجوز لمس المصحف في حال الجنابة والحيض والنفاس. هذا المفهوم الضيق لهذه الآية العظيمة عجيب وغريب، الآية في واد آخر لا علاقة لها بهذا الحكم الفقهي القابل للأخذ والرد. وفي موقع إكليل المعرفة نعرض لكم التفسير الصحيح لهذه الآية الكريمة.

تفسير آية لا يمسه إلا المطهرون

إليكم البيان الصحيح لتفسير الآية “لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُون”.

لا : حرف نفي.

يمسُّ : فعل مضارع مرفوع.

إذاً الجملة خبرية لا طلبية.

يعني ليس فيها نهي ولا طلب ولا إنشاء.

ومعناها كما يقول جمهور المفسرين، أن هذا القرآن في كتاب مكنون لا يمسه إلا الملائكة المطهرون وما تنزلت به الشياطين. وهذا معنى جليل عظيم تعضده آيات أخر.

أما حكاية الجنابة والمصحف، فهو موضوع فقهي من باب التأدب مع القرآن، ولا علاقة له بمفهوم الآية السابقة. نحن نعاني من كسل ذهني ولو قرأنا كتب التفسير، لما أصبح ذلك المفهوم الفقهي الضيق هو الشائع والسائد. ولكني أضيف إلى ما قاله المفسرون ما يلي : تحدثنا من زاوية نحوية أن الجملة خبرية.

الفرق بين المسّ واللمس لا يسمه إلا المطهرون

الآن نتحدث من زاوية صرفية عن الفرق بين المسّ واللمس:

لو استقرأنا الآيات التي ورد فيها المس ومشتقاته، والآيات التي وود فيها اللمس ومشتقاته لعرفنا الفرق، والفرق هو كالتالي:

المسّ خاص بالكيان الروحي والنفسي للإنسان.

واللمس خاص بالكيان العضوي والجسدي.

فالمس الشيطاني مثلا أمر ميتافيزيقي غير مرئي، لذلك يقال للمصاب ممسوس لا ملموس. والذي يضاجع امرأته قد تجاوز مرحلة اللمس والملامسة إلى مرحلة المسّ. إذ تظهر تفاعلات كيميائية وانفعالات نفسية وهيجان، وربما خروج عن نطاق التغطية أثناء العلاقة الحميمية. لذلك قالت مريم “ولم يمسسني بشر”. وقال رب العزة “ما لم تمسوهن”.

وأما آية “لامستم النساء” فقد لا تعني الجماع في قول من قال، وهو ما أميل إليه.

إذاً : المسّ أعمق من اللمس ويختص بالكيان النفسي والروحي، وينعكس أثره على الكيان العضوي سلبا أو إيجابا بعكس اللمس البارد الفاتر. الذي لا ينفذ إلى عالم الروح كما يصف رب العزة تعامل أهل الكتاب مع كتابهم “تجعلونه قراطيس”. وفي قوله تعالى : “ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين”.

المسألة إذاً تتلخص في ثنائية لمس وقرطاس لا مس وكتاب مكنون، لقد جعلوه قراطيس، مجرد قراطيس.

من هم المطهرون في آية لا يمسه إلا المطهرون

لم يمسوه بل يحومون حول اللمس، ولم ينفذوا إلى أغواره بل توقفوا عند زخرفه، لأن كتاب الله “لا يمسه إلا المطهرون”. إذن يمتد لنا أفق آخر لمفهوم الآية، وهو أن هذا القرآن لا يستطيع أن يتماهى به ويمسه إلا المطهرون. المطهرون من الكبر والنفاق والرياء وكل أمراض القلوب، الطهارة هنا تعني في المقام الأول طهارة القلوب. لأن هذا القرآن لا يفتح كنوزه وجواهره إلا للقلوب الطاهرة، لا للقلوب المريضة.

اقرأ أيضاً: ما هو تفسير الآية ولقد همت به وهم بها

إعراب لا يمسه إلا المطهرون

علاوة على ذلك لا حرف نفي، يمس فعل مضارع مرفوع، إلا حرف حصر، المطهرون فاعل مرفوع. وكما أن هناك مسا شيطانيا تظهر آثاره في تخبط الممسوس من المسّ. فهناك مس قرآني ينعكس في قسمات الوجه نورا ووضاءة، وفي السلوك استقامة واتزانا. وفي القول حكمة “لا يمسه إلا المطهرون” كم من بروفيسور حاول أن يستكنه مجاهيل القرآن، ويصل إلى كنوزه فلم يصل. هناك أمر آخر لا بد منه، يتعلق بطهارة القلب وشفافية الروح للوصول إلى حالة المسّ الإيجابي.

معنى قوله تعالى لا يمسّه إلا المطهرون

لو تأملنا في سياق الآيات، لوجدنا ترابطا واتساقا بين هذه الآية وما قبلها:

“فلا أقسم بمواقع النجوم . وإنه لقسم لو تعلمون عظيم . إنه لقرآن كريم . في كتاب مكنون . لا يمسه إلا المطهرون”. هناك علاقة بين القسم وجوابه، فكما أن مواقع النجوم بعيدة لا نستطيع المساس بها. فكذلك معاني القرآن عميقة الأغوار بعيدة المنال، لا نستطيع المساس بها إلا إذا كنا مطهرين. معاني القرآن قريبة للمطهرين بقدر بعدها عن سواهم، وقطوفه دانية بقدر ارتفاعها وسموقها.

شاهد أيضاً : تفسير آية إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة

علاقة القسم بمواقع النجوم وآية لا يمسه إلا المطهرون

هذا القسم العظيم بمواقع النجوم، لا يمكن أن يكون جوابه ذلك الحكم الفقهي الخاص بلمس المصحف. بل جوابه عظيم عميق الدلالة، وتبقى مسألة لمس المصحف ثانوية يمكن النقاش حولها، من باب التأدب مع المصحف. “لا يمسه إلا المطهرون”، والذي يقول بأن الجملة إنشائية جاءت في سياق الخبر على غرار “والوالدات يرضعن” فلا عبرة لكلامه. لما ذكرناه آنفا من وجود علاقة بين القسم العظيم وجوابه العظيم. ثم لا يمكن أن نجعل من الاستثناء قاعدة نقيس عليها، ونقصي القاعدة الأساس خارجا. الإنشاء في صورة الخبر والعكس أمر استثنائي نادر في لغة العرب، وله قرائن يمكننا تمييزه من خلالها. ثم هل يصح عقلا أن يكون جواب القسم إنشاء؟

هل يصح أن تقسم على شيء لا يحتمل صدقا ولا كذبا

بالطبع لا، فالقسم هو توكيد لخبر ما يحتمل الصدق أو الكذب، لا يصح عقلا أن نقول : والله العظيم اذهب. لا تذهب. متى جئت، وغيرها من صيغ الإنشاء.

لماذا لم يتأثر الإنسان من قراءة القرآن الكريم

الجواب : لأنه لم يمس القرآن، ولم يحظ بمس قرآني ينعكس على قسمات وجهه نورا ووضاءة. وعلى كلماته حكمة وسدادا، وعلى سلوكه استقامة واتزانا. لأنه يحتاج قليلا إلى فرمتة قلبه، وتطهيره لاستقبال هذا الفيض الإلهي الطاهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى